للتحميل : عنوان الكتاب: الفرق بين الفِرق
المؤلف: صدر الإسلام، الأصولي ، العالم، المتفنن: عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي، الإسفرائني ، التميمي المتوفى في عام 429 هـ
رابط تحميل كتاب الفرق بين الفرق
اضغط al-Farq Bayn al-Firaq- al-Baghdadi-1.zip (205.22 KB) هنا
مقدمة الكتاب وخاتمته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله فاطر الخلق وموجده ومظهر الحق ومنجده الذي جعل الحق وزرا لمن اعتقده وعمرا لمن اعتمده وجعل الباطل مزلا لمن ابتغاه ومذلا لمن اقتضاه والصلاة والسلام على الصفوة الصافية والقدوة الهادية محمد وآله خيار الورى ومنار الهدى. سألتم أسعدكم الله مطلوبكم شرح معنى الخبر المأثور عن النبي في افتراق الامة ثلاثا وسبعين فرقة منها واحدة ناجية تصير الى جنة عاليه وبواقيها عادية تصير الى الهاوية والنار الحامية وطلبتم الفرق بين الفرقة الناجية التي لا يزل بها القدم ولا تزول عنها النعم وبين فرق الضلال الذين يرون ظلام الظلم نورا واعتقاد الحق ثبورا وسيصلون سعيرا ولا يجدون من الله نصيرا.
فرأيت إسعافكم بمطلوبكم من الواجب في إبانة الدين القويم والصراط المستقيم وتمييزها من الأهواء المنكوسة والآراء المعكوسة ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من يحيا عن بينة فأودعت مطلوبكم مضمون هذا الكتاب وقسمت مضمونه خمسة ابواب هذه ترجمتها:
باب في بيان الحديث المأثور في افتراق الأمة ثلاثا وسبعين فرقة
(1) باب في بيان فرق الأمة على الجملة ومن ليس منها على الجملة
(2) باب في بيان فضائح كل فرقة من فرق الاهواء الضالة
(3) باب في بيان الفرق التي انتسبت الى الاسلام وليست منها
(4) باب في بيان الفرقة الناجية وتحقيق نجاتها وبيان محاسن دينه فهذه جملة ابواب هذا الكتاب وسنذكر في كل باب منها مقتضاه على شرطه إن شاء الله تعالى.
{الباب الاول}:
في بيان الحديث المأثور في افتراق الأمة
أخبرنا أبو سهل بشر بن أحمد بن بشار الإسفراءينى قال أخبرنا عبد الله بن ناجية قال حدثنا وهب بن بقية عن خالد ابن عبد الله عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله {افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وتفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة}.
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن على بن زياد السميذى العدل الثقة قال أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال حدثنا الهيثم بن خارجة قال حدثنا إسماعيل بن عباس عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله {ليأتين على أمتى ما أتى على بنى إسرائيل تفرق بنو اسرائيل على اثنتين وسبعين ملة وستفترق امتى على ثلاث وسبعين ملة تزيد عليهم ملة كلهم في النار الا ملة واحدة قالوا يا رسول الله من الملة الواحدة التي تنقلب قال ما أنا عليه وأصحابي}.
أخبرنا القاضي أبو محمد عبد الله بن عمر المالكي قال حدثنا أبي عن أبيه قال حدثنا الوليد بن مسلمة قال حدثنا الاوزاعي قال حدثنا قتادة عن انس عن النبي قال {إن بنى إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة وإن امتى ستفترق على ثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهى الجماعة}.
قال عبد القاهر للحديث الوارد في افتراق الامة أسانيد كثيرة وقد رواه عن النبي جماعة من الصحابة كأنس بن مالك وأبي هريرة وأبي الدرداء وجابر وأبي سعيد الخدري وأبي بن كعب وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبي امامة ووائله بن الاسقع وغيرهم.
ما روي عن الصحابة من ذم بعض الفرق
وقد روى عن الخلفاء الراشدين أنهم ذكروا افتراق الامة بعدهم فرقا وذكروا أن الفرقة الناجية منها فرقة واحدة وسائرها على الضلال في الدنيا والبوار في الآخرة.
وروى عن النبي ذم القدرية وأنهم مجوس هذه الامة وروى عنه ذم المرجئة مع القدرية وروى عنه أيضا ذم المارقين وهم الخوارج.
وروى عن أعلام الصحابة ذم القدرية والمرجئة والخوارج المارقة وقد ذكرهم على رضى الله عنه في خطبته المعروفة بالزهراء وبرىء فيها من اهل النهراوان.
وقد علم كل ذي عقل من أصحاب المقالات المنسوبة الى أن النبي عليه السلام لم يرد بالفرق المذمومة التي أهل النار فرق الفقهاء الذين اختلفوا في فروع الفقه مع اتفاقهم على اصول الدين لان المسلمين فيما اختلفوا فيه من فروع الحلال والحرام على قولين:
أحدهما قول من يرى تصويب المجتهدين كلهم في فروع الفقه وفرق الفقه كلها عندهم مصيبون.
والثاني قول من يرى في كل فرع تصويب واحد من المتخلفين فيه وتخطئة الباقين من غير تضليل منه للمخطىء فيه.
بيان مراد الرسول من ذكر الفرق المذمومة
وإنما فصل النبي عليه السلام بذكر الفرق المذمومة فرق أصحاب الأهواء الضالة الذين خالفوا الفرقة الناجية في ابواب العدل والتوحيد أو في الوعد والوعيد أو في بابى القدر والاستطاعة أو في تقدير الخير والشر أو في باب الهداية والضلالة أو في باب الإرادة والمشيئة أو في باب الروية والإدراك أو في باب صفات لله عز وجل وأسمائه وأوصافه أو في باب من أبواب التعديل والتجويز أو في باب من أبواب النبوة وشروطها ونحوها من الابواب التي اتفق عليها أهل السنة والجماعة من فريقى الرأى والحديث على أصل واحد خالفهم فيها أهل الأهواء الضالة من القدرية والخوارج والروافض والنجارية والجهمية والمجسمة والمشبهة ومن جرى من فرق الضلال فان المختلفين في العدل والتوحيد والقبور والاسلاف متحدو الروية والصفات والتعديل والتجويز وفى شروط النبوة والإمامة يكفر بعضهم بعضا.
فصح تأويل الحديث المروى في افتراق الأمة ثلاثا وسبعين فرقة الى هذا النوع من الاختلاف دون الانواع التي اختلفت فيها ائمة الفقه من فروع الاحكام في أبواب الحلال والحرام أو ليس فيما بينهم تكفير ولا تضليل فيما اختلفوا فيه من احكام الفروع.
وسنذكر الفرق التي رجع اليهم تأويل الخبر المروى في افتراق الامة في الباب الذي يلى ما نحن فيه إن شاء الله عز وجل.
{الباب الثاني من أبواب هذا الكتاب}:
في كيفية افتراق الامة ثلاثا وسبعين
وفى ضمنه بيان الفرق الذين يجمعهم اسم ملة الاسلام في الجملة. ويقع في هذا الباب فصلان:
أحدهما في بيان المعنى الجامع للفرق المختلفة في اسم ملة الاسلام في الجملة والفصل.
الثاني في بيان كيفية اختلاف الامة وتحصيل عدد فرقها الثلاث وسبعين وسنذكر في كل واحد من هذين الفصلين مقتضاه ان شاء الله عز وجل
-0-0-0-
{الفصل السابع}
من فصول هذا الباب
في بيان آثار أهل السنة في الدين والدنيا وذكر مفاخرهم فيهما
ألمنا ببعض آثار أهل السنة فى شتى العلوم، بحيث يظهر من ذلك أنهم لا يلحقون فى هذا المضمار، ومؤلفاتهم في الدين والدنيا فخر خالد مدى الدهر للأمة المحمدية، وأما آثارهم العمرانية في بلاد الإسلام فمشهور ماثلة أمام الباحثين، خالدة في بطون التواريخ بحيث لا يلحقهم في ذلك لاحق، كالمساجد والمدارس والقصور والرباطات والمصانع والمستشفيات وسائر المبانى المؤسسة في بلاد السنة، وليس لسوى أهل السنة عمل يذكر في ذلك.
وقد بنى الوليد بن عبد الملك المسجد النبوي، ومسجد دمشق على أبدع نظام، وكان سنيا، وبنى أخوه مسلمة المسجد بقسطنطينية، وكا سنيا، وكل ما في الحرمين وسائر الحواضر من شواهق الآثار فمن عمل أهل السنة.
وأما سعي بعض العبيديين في عمارات فشيء لا يذكر أمام أعمال ملوك السنة على اختلاف الدول، على أنه لاموقع لما كانوا يبنونه مع سوء اعتقادهم، كما قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْر}، ولا يتسع المقام لسرد ما لأهل السنة من الآثار الفاخرة في الدين والدنيا.
وفي هذه الإلمامة كفاية في استذكار مآثر أهل السنة التي لا آخر لها في ناحيتي الدين والدنيا، ولله الحمد، وله الفضل، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.