للتحميل : كتاب أشعار النساء
المرزباني
هذا الكتاب هو ثالث ما ألف من الكتب في أشعار النساء، بعد كتاب (أشعار الجواري) للمفجع البصري المتوفى سنة 327هـ، وكتاب (الإماء الشواعر) لأبي الفرج الأصفهاني المتوفى سنة 356هـ. ويضم هذا الكتاب تراجم 38 شاعرة، ويمتاز الكتاب بانفراده بذكر الكثير من الأخبار والأشعار، ولاسيما شعر نساء الخوارج

رابط تحميل الكتاب

اضغط  icon Ashaar al-Nisaa - Marzabani.zip (83.84 KB)  هنا

أخبار ليلى
أخبار ليلى مع النابغة الجعدي
قال المرزباني : كتب إلي أحمد بن عبد العزيز، أخبرنا عمر بن شبة عن أبي الحسن المدائني، قال: هاجى النابغة الجعدي ليلى الأخيلية فقال لها:
ألا حيّيا ليلى وقولا لها هـلا  فقدْ ركِبتْ )...( أغرُّ محجَّلا
فقالت ترد عليه وهما قصيدتان له ولها، فغلبته بقوله:
وعيَّرتني داءً بأمك مثلـه  وأيُّ جوادٍ لا يقال لها هلا
وهلا: كلمة تقاس للفرس الأنثى إذا أنزي عليها الفحل لتسكن.
حدثني محمد بن إبراهيم قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد الوراق قال: حدثني الحكم بن موسى السلولي، أخبرني الباهلي العلامة قال: "أنه تحاكم إلى ليلى" شعراء هوزان: النابغة الجعدي "وحيد بن ثور" الهلالي وتميم بن أبي بن مقبل العجلاني والعجير السلولي فأنشأت تقول:
ألا كلّ ما قالَ الرواة وزبّبـوا  به غير ما قال السلوليُّ بهْرج
تعني: العجير، قال: فنمى الخير عنها، فقال النابغة الجعدي:
كأنَّك ليلى بـغـلة تـدْمـريَّة  رأت حصناً فعارضتهنَّ تشْحج
قال: ثم قال:
ألا حيّيا ليلى وقولا لهـا: هـلا  فقد ركبتْ )...( أغرَّ محجَّـلا
وبرذَوْنة بلَّ البراذين ثـفْـرهـا  وقد شرِبتْ في أوَّلِ الصيف أيِّلا
وقد أكلتْ بقْلاً وخيماً نـبـاتـه  وقد أنكحت شرَّ الأخايلِ أخْـيلا
رأى نفسه يقلاً وخيماً، يقول: إنها ستسوخم هجائي.
وكيف أهاجي شاعراً رمْحه أسته  خضيبَ البنانِ ما يزال مكحَّـلا
دعي عنك تهجاءَ الرجَالِ وأقبلي  على أذْلغيّ يمْلأ أسْتكِ فـيْشـلا
قال: وبنو الأذلغ بن بني عبادة بن "ربيعة البكاء وكان" نكاحاً، فبلغها قوله فقالت:
أنابغ لم تنبـغْ ولـم تـك أولاً  وكنْت صنياً بينَ صُدَّيْن مجهلا
ويروى: ولم تك موبهاً، ويروى: بين شعبين مجهلا، ويروى: وكنت شعيباً بين صدين، والصدان: جانبا سفح الجبل، والصني: الثميد يبض شيئاً يسيراً يشرب به الطير ولا يشرب به الإنسان لقتله وصني تصغير صنو، والصنو: الشعب الصغير.
أنابغ إن تنبغ بلؤمكَ لا تـجـدْ  للؤمكَ إلا وسطَ جعدة مجْعلا
أعيرتني داءً بأمك مـثـلُـه  وأي جوادٍ لا يقال لها: هلا?!
ويروى: وأي حصان. ويقال للفرس الحجر: هلا، وذلك إذا دعيت للإقرار لتنزى. فاجتمع الجعديون وقالوا: والله لنأتين أمير المدينة فلنستعدينه عليها فأنها قد قذفتنا، وبلغها ذلك فزادت في القصيدة.
أحقاً بما أنبـيت أنَّ عـشـيرتـي  بشوران يزجون المطيَّ المنعَّـلا
يروح ويغدو وَفدهم لـصـحـيفةٍ  ليستجلدوا لي ساءَ ذلك معـمـلا
على غير جرْم غير أنْ قلت: عمهم  يعيش أبوهم في ذَراه مـغـفَّـلا
عمهم: هو عقيل، وأبوهم: هو جعدة. في ذراه: في ذرى عقيل، ويروى: نداه.
وأعمى أتاه بالحجاز نثـاهـم  وكان بأطراف الجبال فأسهلا
الأعمى: النابغة. جعلته أعمى القلب.
فجاء بهِ أصحابه يحمـلـونـه  إلى خيرِ حـيٍ آخـرين وأوَّلا
إذا صدرت ورَّادهم عن حياضهم  تغادر نهباً للزكـاة مـعـقَّـلا
تقول: هم يؤدون الصدقة عن إبلهم.
تنافر سوّراً إلى المجد والعلا  وأقسم حقاً إن فعلت ليفعلا
ويروى: تسابق سواراً، وهو سوار بن أوفى بن سبرة بن سلمى بن قشير، وكان يهاجي النابغة ويفخر عليه بأيام بني جعدة.
بمجْدٍ إذا المرء الـلـئيم أرادَه  هوى دونه في مهْيلٍ ثمّ عضَّلا
عضل: عيا وبلد وضاق.
وهلْ أنت إن كان الهجاء محرّمـا  وفي غيره فضْل لمنْ كان أفْضلا
وفي غيره فضل: تقول: في غير الهجاء الحسب والكرم، وليس في الهجاء خير ولا يفضل به أحد. تريد: هل لك أن تدع الهجاء وتناسب سواراً حتى تعرف نفسك ونسبك وقدرك.
لنا تامك دونَ السماءِ وأصْلـه  مقيمٌ طوال الدَهْرِ لنْ يتحلحلا
وما كان مجْدٌ في أناس عَلمْتُه  من الناس إلاّ مجدُنا كان أوّلا
فجليت إلى المدينة، فأقامت بباب مروان وأنشأت تقول: 
أنيخَتْ لدى باب ابن مروانَ ناقتي  ثلاثاً لها عند النِتـاج صـرِيفُ
يُطيف بها فتـيانُـهُ كـلَّ لـيلةٍ  بنيرين مئرانُ الجـبـالِ وَريفُ
نيرين: شيئين، ويقال: لونين من العلف.
غُلامٌ تَلقّى سؤدداً وهو ناشىءٌ  فانتَ به رَحْبُ الذراعِ أليفُ
بقيْلٍ كتحبير اليمانـي ونـائلٍ  إذا قُلّبتْ دونَ العَطاءِ كفوفُ
وَرُحْنا كأنا نمتطي أخـدَرِيَّةً  أضرَّ بها رخوُ اللبان عنيفُ
وحلأّها حتى إذا لم يسُغ لهـا  حليٌّ بجَنْبيْ ثادقٍ وجفِـيفُ
جفيف: يابس الكلأ، والصغار من الحلي. والنصي: الذي يبس وأصابه المطر فاصفر.
أرنَّ عليها قارباً وانتـحـت لـه  مُبِـرَّةُ أرْسـاغِ الـيدينِ زَروفُ
تُهادي خجُوجاً خدَّدَ الجرْيُ لحْمَـهُ  فلا جحْشَها بالصيف فهي خروفُ
الخروف من الإبل: تنتج في الخريف، والمصيف: في الصيف، والمربع: في الربيع، والهبع: في القيظ، والصقعي: وهو الربعي، والصفري: مطلع سهيل، والدفيء: في آخر الشتاء.
ثم قالت في مروان تمدحه وتذكر أمر الجعديين:
طرِبْتَ وما هذا بساعة مطْـربِ  إذا الحيُّ حلواً بين عاذٍ فحَبْحبِ
قديماً فأضْحَتْ دارُهُم قد تلعَّبـتْ  بها خَرِقات الريح من كلِّ ملعبِ
وكمْ قد رأى رائيهُـمُ ورأيتـهـا  بها لي من عمٍّ كريمٍ ومـن أبِ
فوارسَ من آل النُفـاضةِ سـادةً  ومن آل سعْدٍ سؤدداً غير متْعبِ
وحيٍّ حريدٍ قد صبحنا بـغـارةٍ  فلم يُمْس بيتٌ منهمُ تحت كوكبِ
شننَّا عليهم كلَّ جرداءَ شـطْـبةٍ  لجوجٍ تباري كلَّ أجردَ شرْجبِ
لوَ حشيِّها من جانبي زفيانـهـا  حفيفٌ كخذروف الوليد المثقَّبِ
إذا جاش بالماء الحميم سجالهـا  نضخْنَ بهِ نضْخ المزادِ المسرَّبِ
فذَرْ ذا، ولكن قد تمنيت راكـبـاً  إذا قال قولاً صادقاً لـم يُكـذًّبِ
وكتب إلي أحمد بن عبد العزيز: أخبرنا عمر عن شبة، وحدثني محمد بن أحمد الكاتب، قال: حدثنا أحمد بن يحيى النحوي، وحدثني أحمد بن محمد المكي، قال: حدثنا أبو العيناء، أن النابغة لما قال أبياته التي أولها: ألا حييا ليلى، أجابته بقولها الذي تقدم.