العنوان: شريف حتاتة (زوج نوال السعداوي) يكتب ذكرياته بجرأة» نوافذ مفتوحة « على سيرة مثقف مصدوم ) (الكاتب:محمود السيد الدغيم) (ت .م: 27-06-1994  ) (ت .هـ:18-01-1415) (العدد: 11453) (الصفحة: 16)

يتضح لقارئ الصفحة الأولى من »النوافذ المفتوحة« ـ مذكرات شريف حتاتة (منشورات مكتبة مدبولي في القاهرة، ان المؤلف يفتقد صورة واضحة لطفولته،:»عندما أسمع أصدقائي يتحدثون عن ذكرياتهم أشعر أنه ينقصني شيء . . . كأنه لم تكن لي طفولة، أو مراهقة، أو شباب مثل الآخرين، أو كأنني لم أعش هذه المراحل بالمعنى الصحيح« . ويرد الكاتب أسباب ذلك الى »النضال«، إذ »شاءت الظروف ألا تكون حياتي عادية . أن أغيب في السجون والمنافي مدداً طويلة، ولما عدت كانت قد تفككت الروابط القديمة، ولم تتكرر الجلسات التي نحكي فيها عن كل شيء« . ويلجأ المؤلف الى الخيال في رسم الصورة الكاملة لماض يحضر في الذاكرة في صورة اشارات أولى:»مع ذلك ظللت الوسيلة المتاحة لي أكثر من غيرها، التنقيب في أعماق النفس، كأنني أعيد الى الحياة ما دُفن فيها، وهنا لعبَ الخيال دوراً أساسياً ( . . .، والتخيلات إذا ما تكررت تعني أن هناك حقيقة تتحرك في ذهني مثل البعوض في ليالي الصيف . . . انها موجودة بلا وجود فعلي، غائبة بلا غياب نهائي، ولكنها أساسية في فهم ما حدث لي خلال السنين، فمن لا يعرف الوهم لا يعرف الحقيقة، ولا شيء مؤكداً بصفة نهائية، وأنا مولع بلعبة الوهم هذه، ولا استطيع ان أعيش دون أن الجأ اليها« . يذكر المؤلف انه وُلد يوم الجمعة 13-9-1923 . وأتم مرحلة الدراسة الثانوية في »الكلية الارسالية الانكليزية« والتحق بجامعة الملك فؤاد الأول لدراسة الطب . ويكشف أسرار العائلة، فأمُّ أُمِّه »تخلط الكلمات الانكليزية بكلمات من لغة أخرى جاءت بها من شرق أوروبا . ماتت في لندن . أخوها الصغير اسمه جون تايلور، أثناء الحرب العالمية الثانية عمل صولاً في الطيران، وأرسل الى احدى القواعد الحربية البريطانية في مصر، كان يزورنا بانتظام في الاجازات ( . . .، نشأت الجدة في أسرة كبيرة العدد قليلة الموارد اسمها:شنيدر، عاشت في مدينة صغيرة على الحدود الألمانية البولندية، وأن هذه الأسرة كانت تنتمي الى الأقلية اليهودية ( . . .، إذن لم تكن جدتي من أسرة فقيرة فحسب وانما كانت فوق ذلك من أصل يهودي، وكان أبي بالطبع يعرف كل ذلك« ويستطرد المؤلف فيذكر أنه قابل احدى خالاته »سنة 1951 في باريس، كانت مقيمة هي وزوجها في فندق جورج سنك أي جورج الخامس . وكنت إذ ذاك لاجئاً سياسياً في باريس، هارباً من سجن الملك فاروق والاقطاع« . أما عن حياة أمه وأبيه فيقول:»تورطت أمي في زواج كان مفعماً بالمشاكل، تركت وطنها وسافرت آلاف الأميال لتحيا في بيئة مختلفة تماماً عن تلك التي ألفتها في بلادها لتجد نفسها في جو غريب مُعادٍ للانكليز ( . . .، انها لم تحب أبي حتى في بداية حبهما ( . . .، انجذبت الى وسامة تقاطيعه والى المال وأسطورة الأسرة التي ينتمي اليها ( . . .، وكنت أنا نتاج هذه العلاقة القلقة العارضة، رمز العبودية، والأحلام الضائعة« . يذكر حتاتة طفولته في لندن: »ظللت سنين طويلة اثناء الطفولة والشباب أحيا في بيئة مسيحية تركني لها أبي ليتفرغ لدراسته في الجامعة، ومختلف أنواع التسلية التي كان مولعاً بها . ثم عندما عدنا الى بلادنا انشغل بأشياء كثيرة، وعلى أية حال لم يكن هو نفسه مهتماً بالمسائل الدينية، ولم يكن يصوم في شهر رمضان، أو يصلي، أو يقرأ القرآن، أو يردد الاحاديث، أو النصائح الدينية . . .« . ويصف المؤلف جوانب من سيرته في القرية بعد العودة من لندن، ثم السكن في المدينة والدراسة الجامعية والصداقات الاولى، ومن ذلك هجرة العائلة اثناء الحرب العالمية الثانية الى عزبة بالقرب من مدينة بلبيس، وبعد هدوء الغارات الالمانية عادت العائلة الى القاهرة، وتجيء سنة ٧٤٩١ فيبدأ العمل طبيباً في المجموعة الصحية في بولاق لمدة ثلاثة أشهر لقاء »مبلغ ثلاثة عشر جنيهاً مصرياً« في الشهر، وفي نهاية سنة ٣٦٩١ يخرج من السجن »بعد قضاء الحكم بعشر سنين سجن مع الاشغال الشاقة« . ويحتاج شهادة ميلاد، فيرسل له خاله جون تايلور سنة ٤٦٩١ ثلاث صور رسمية من شهادة ميلاده الانكليزية . . . »وفي نهاية الستينات يتزوج من نجوى« ويحصل آخر لقاء بينه وبين والده فتح الله في صيف سنة ٦٧٩١م »قبل وفاته بستة شهور« حيث زار والده »في بيته حيث كان يقيم مع امرأة اخرى تزوجها دون ان يبوح بهذا الى أحد افراد الأسرة . . .« وتموت والدته وعمره ٤٦ سنة، وبعد صلاة الجنازة يسأله أخوه: »هل كنت متوضئاً عندما صليت؟« ويأتي الجواب: »أمي كانت انكليزية، لا أظت انها اسلمت عن قناعة حقيقية،، .« وفي نهاية سنة ٤٦٩١ يتزوج من السيدة نوال ليعيش هو واياها وابنه وابنة نوال من زواجها الأول، ثم ليعيش لاحقاً »سنين الاحباط، والصراع والنجاح . . . هزيمة ٧٦٩١، وحصار السادات، والسماحات الرمادية في عهد مبارك . . .« . لا مجال لاستعراض ذكريات شريف حتاتة كلها، وهي في أي حال تتسم بالجرأة والصدق الشديدين، خصوصاً في تناول جوانب من حياته كمراهق، وهذا الأمر نادر الحدوث في مذكرات الكتّاب العرب عن حياتهم الشخصية . ويعتبر كتاب حتاتة شهادة عن نماذج بشرية من اليسار المصري، خصوصاً اولئك الذين كانوا مقتنعين بفكرهم وبمسؤوليتهم عن حال الجماعة . كما نلمح في الكتاب مراراة الافتراق بين الفكر والواقع، والصدمات التي يتلقاها الشخص الملتزم والعاطفي حينما يرى اولئك الذين يستغلون المؤسسات للوصول الى اهدافهم في التسلق الاجتماعي والسياسي وحتى المالي . شريف حتاتة، جريء، صادم ومصوّر بارع لمآسي المصريين والمتمصرين عن ذوي الثقافة الاوروبية . وهو يمارس الحرية في كتابة مذكراته تحت الشعار التالي الذي ورد في كتابه: »ان الذين يعرفون الحقيقة دائماً لا يعرفون أي شيء، وانه لا يوجد صكّ ( . . .، يقول كل شيء، وهذا ينطبق ايضاً على الفكر الاشتراكي الذي أنتمي اليه منذ سنة ٥٤٩١« 8884 (الحياة، . . . . . . . . . . .عام (العنوان:شريف حتاتة يكتب ذكرياته بجرأة  . » نوافذ مفتوحة « على سيرة مثق 

thumb qr1 
 
thumb qr2
 

إحصاءات

عدد الزيارات
16432456
مواقع التواصل الاجتماعية
FacebookTwitterLinkedinRSS Feed

صور متنوعة