السياحة بين الماضي والحاضر، وبين الخيال والواقع: ورسالة الغفران، للمعري، والكوميديا الإلهية لدانتي الإيطالي، ورسالة الطير للغزالي، ومنطق الطير لفريد الدين العطار بالفارسية
د. محمود السَّيِّد الدّغيم

السياحة بين الماضي والحاضر، وبين الخيال والواقع
محمود السَّيِّد الدّغيم
باحث أكاديمي سوري مقيم في لندن

الحياةُ الدنيا رحلةٌ تبدأ بالمولد وتنتهي بالوفاة التي تؤدي إلى رحلة إلى العالم الآخر، والظواهر الحيوية تملأ الحياة الدنيا، وتزخر بها الطبيعة، وهي كثيرة لا تحصى، ونحن نعرف بعضها ونجهل بعضها الآخر، ومن الظواهر المعروفة ظاهرتيّ الهجرة والسياحة، والجامع بين الظاهرتين هو الترحال من مكان إلى مكان آخر، والفارق بين الظاهرتين هو: أن هدف السياحة هو الانتقال والعودة إلى مركز الانطلاق أي الوطن، وهدف الهجرة هو استبدال الوطن بوطن آخر، وذلك لأسباب طبيعية أو اصطناعية، مع ملاحظة الفارق بين الهجرة الطوعية، والتهجير القسري الإجباري، ولا تقتصر الهجرة والسياحة على البشر بل تشمل الطيور والأسماك والجراد والفراشات وغير ذلك.

ولئن اعتمدت الطيور والأسماك والجراد والفراشات في هجرة وسياحتها على الغريزة، فإن الإنسان اعتمد على الخبرات الموروثة والمستحدثة، وهي تشمل ما ورثه عن أسلافه وما اكتشفه بنفسه، ولذلك تنوعت الهجرة والتهجير والسياحة في عالم الإنس، وقام الكُتّاب والأدباء والشعراء بحفظ الخبرات الإنسانية بالنقل الشفوي، أو الكتابة التي ضمّت الملاحم والأساطير والنصوص النقلية والعقلية، وأسفرت تلك الأنشطة الإنسانية عن أدب الرحلات الذي ضمّ تنوعاً بعدد مقاصد الرحلات التي قام بها الأشخاص الذين دوّنوا ما شاهدوه، وما سمعوه أثناء رحلاتهم التي كانت سياحة مفيدة غير مقتصرة على الاستجمام، وتغيير الأجواء.

امتلكت البشرية ذخيرةً هائلة من المعلومات في مجالات السفر، وارتبطت المعلومات القديمة بهبوط آدم عليه السلام إلى الأرض، ثم رحلته من الهند إلى مكة المكرمة، وقد سلك طريقاً غير الطريق التي سلكتها حواء قبل لقائهما على جبل عرفات، وانتقالهما إلى وادي منى حيث تحققت الأماني بينهما، ثم كانت رحلة نوح عليه السلام البحرية أثناء الطوفان، ونجاته ومن معه في الفُلك، وحصلت رحلات جماعية مع إبراهيم عليه السلام، من العراق إلى تركيا إلى سوريا، ومنها إلى مصر ثم الحجاز، ثم الوفاة في مدين الخليل بفلسطين، وبعدها رحلة يوسف واخوته من فلسطين إلى مصر والاستقرار بها حتى حصلت هجرة موسى عليه السلام ومن معه نحو فلسطين هرباً من ظلم الفراعنة.

وفي خضم أدب الرحلات تتعدد المواضيع، وتتنوع أغراض الرحلات وأشكالها، ويحصل الاختلاف أو الإئتلاف بين الشكل والمضمون، ويحصل القارئُ على حصيلة ما كتبه الكُتّاب سواء أعبّروا عن إحساسهم الداخلي، أم عبّروا عمّا أدركوه من حيثيات المواقع التي زاروها، والأشخاص الذين قابلوهم، والأخبار التي جمعوها من الأشخاص، أو من الكتُب التي تحتفظ يها المكتبات العامة والخاصة.

وقد تكون الرحلات حقيقية عملية، وقد تكون خيالية أو خارقة للعادة وفوق مقدرة الناس العاديين، ومن المعجزات رحلة الإسراء والمعراج التي اختص بها نبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم، تلك الرحلة التي أذهلت طُغاة المشركين فسلموا بما حصل بعد جدال أدى إلى الإيمان، وشكل الإسراء والمعراج نقلةً روحيةً تبعتها نقلةٌ أدبية أسفرت عن العديد من النصوص الأدبية التي بُنيت على موضوع الرحلة الروحية غير الجسدية

*****

رسالة الغفران: أبو العلاء المعري

وفي هذا الموضوع أملى أبو العلاء المعري رسالة الغفران كجواب على سؤآل ورده من ابن القارح الحلبي، ولاقت رسالة المعري شهرةً؛ وقامت بسياحة عبر الترجمة انطلاقاً من اللغة العربية إلى غيرها من اللغات العالمية.

رسالة الغفران رحلة أدبية في عالم الخيال عند أبي العلاء المعري، 363 – 449 هـ/ 973 – 1057م،وبداية الرحلة الطويلة عند أبي العلاء من الكلمة الطيبة التي تشبه الشجرة الطيبة ذات الأصل الطيب والفروع الممتدة نحو الأعلى التي تعطي ثماراً نافعة، وهي رمز الخير المتوفر في جنات النعيم، وتنتهي الرحلة إلى الفاجعة بالكلمة الخبيثة التي تؤدي إلى الجحيم.

وتقوم رحلة المعري على العديد من الحوارات مع الشعراء والأدباء والناس العاديين الذين سبقوا المعري إلى العالم الآخر، وتزخر بصور أحوال أولئك الراحلين حسبما تخيله المعري، وفيها محاكمات تستمدُّ أحكامها بناءً على بيناتٍ مما قاله الشعراء السابقون، وتتخذها حجةً لتقرير مصيرهم، فإما إلى النعيم وإما إلى الجحيم باعتبار حصائد ألسنتهم لأن الجزاء من جنس العمل إلا ما ستر الله وغفر.

*****

رسالة الغفران، للمعري، والكوميديا الإلهية لدانتي

ظل الإيطاليون يفتخرون على الأدباء العالميين بالكوميديا الإلهية عدة قرون، ويدّعون أنها إبداع إيطالي غير مسبوق في عالم الأدب، ولكن الفرحة الإيطالية لم تستمر إلى ما لا نهاية، فقد اكتشف المستشرق الإنكليزي نيكلسون مخطوطة رسالة الغفران للمعري، ونشر ملخص الجزء الأول منها سنة 1900م، ثم نشر ملخص الجزء الثاني سنة 1902م، وبذلك أتيحت للباحثين فرصة الاطلاع على رسالة الغفران بعد ضياعها عدة قرون من الزمن.

ونشر رسالة الغفران إبراهيم اليازجي سنة 1907م، في مطبعة هندية في القاهرة، ثم نشرها كامل كيلاني عن طريق دار المعارف بمصر سنة 1942م، ثم حققتها بنت الشاطئ، عائشة عبد الرحمن ونشرتها دار المعارف المصرية سنة 1950م، ثم نشرها خليل هنداوي في بيروت عن دار الآداب سنة 1965م، وصدرت لها عدة طبعات أخرى.

وبعد الاطلاع على رسالة الغفران بدأت بحوث الأدب المقارن، فكشفت علاقة رسالة الغفران بما قبلها وما بعدها من رحلات بين الواقع والخيال، فتذمر الإيطاليون منذ اكتشاف مخطوطة رسالة الغفران، وشعروا بزوال أحقيتهم بالكوميديا نصاًّ وفكرةً وروحاً.

ووقعت ضجة كبرى سنة 1919م، ففي تلك السنة نشر المستشرق الإسباني بلاسيوس دراسة عنوانها "الإسلام والكوميديا الإلهية" حيث أثبت أن "الكوميديا الإلهية" لدانتي الإيطالي تقوم على الاقتباس من "رسالة الغفران" للمعري، فغضب الإيطاليون واعتراضوا، وادّعَوا: أنه لا يوجد دليل على معرفة دانتي للغة العربية التي كُتبت فيها رحلة المعري، وادّعوا أن رحلة المعري كانت مغمورةً منسيةً على الصعيد العالمي.

لقد كابر الإيطاليون عدة عقود من الزمن، ولكن الحرب العالمية الثانية أفرزت نظاماً عالمياًّ جديداً اثّر في الكثير من مظاهر الحياة البشرية، وحصلت محاسبات ذاتية على أكثر من صعيد، وتخلى بعض المغرورين عن غرورهم، وأفسحوا ساحة الغرور للمنتصرين الجدد، ويبدوا أن الإيطاليين صاروا أكثر موضوعيةً من الوقت الذي سبق الحرب العالمية الثانية، ففي سنة 1949م نشر المستشرق الإيطالي تشيروللي دراسة أوضح فيها كيفية وصول "رسالة الغفران" من المعري إلى دانتي.

******

ترجمات رسالة الغفران

بعدما لاقت رسالة الغفران قبولاً عند الأدباء العرب وغيرهم، أمر الفونسو العاشر ملك قشتالة الإسبانية بترجمة "رسالة الغفران" إلى اللغة القشتالية سنة662هـ/ 1264م، وذلك قبل ولادة دانتي الإيطالي بسنة واحدة، ثم أمر بترجمتها من اللغة القشتالية إلى اللغة اللاتينية، واللغة الفرنسية القديمة، فانتشرت في مناطق واسعة من أوروبا، وغيرها من أماكن انتشار اللغات الفرنسية واللاتينية والقشتالية الإسبانية، وهذا دليل قطعي على أن دانتي قد قرأ رحلة المعري، وكتب الكوميديا على نمطها، ولكنه خالف المعري بنقطتي البداية والنهاية، وهو بذلك يشبه اليونان الذين استوردوا الحروف من بلاد الشام، وكتبوها من اليسار إلى اليمين، ولم يغيروا أسماءها، ومازالوا يقولون: ألفا بتا غاما، بدلاً من : ألف باء تاء.

**********

وتتابعت الدراسات الاستشراقية المقارنة بين الرحلتين، وأسفرت عن اكتشاف التشابه الكبير بين نصوص الكتابين، وأورد المستشرقون نصوصاً من "الكوميديا" تكاد تكون منقولة بالنص من رسالة المعري صاحب فضل السابق على اللاحق، مع ملاحظة أن دانتي قلب الموضوع رأساً على عقب، فرحلة المعري في رسالة الغفران تبدأ بزيارة الجنة ثم زيارة الجحيم، ورحلة دانتي في "الكوميديا الإلهية" تبدأ بالجحيم أولاً، ويحاور المعري في رحلته رفيقه "ابن القارح" ويحاور دانتي في رحلته الشاعر الروماني فرجيل.

يسود في رحلة المعري تحقيق الأماني بدون عوائق كما هو الحال في الحياة الدنيا، فإذا تمنى ابن القارح والشعراء عدي بن زيد والنابغة الذبياني والنابغة الجعدي أن يكون معهم الشاعرالأعشى، وقالوا : "فكيف لنا بأبي بصير أي الأعشى؟ فلا تتمّ الكلمة إلا وأبو بصير قد خمسهم، أي صار خامسهم، فيسبحون الله ويقدسونه، ويحمدونه على أن جمع بينهم، وهو على جمعهم إذا يشاء قدير، وحينما يتمنى النابغة حضورَ رُواة الشعر إلى مجلسه، فلا يكاد ينطق بقوله: ليتهم "إلا والرواة أجمعون قد أحضرهم الله القادر إلى مجلسه"

ويرحل الإنسان من هيئة قبيحة إلى هيئة مليحة في رسالة الغفران، أو يكون العكس، وذلك مرتبط بصلاح الإنسان في الدنيا أو عدمه، ففي العالم الآخر تتحرر الأرواح من قيود الأجساد الدنيوية، فترحل منها إلى غيرها في عالمٍ روحي جديد.

ومثال ذلك في رحلة المعري: امرأتان دميمتان إحداهما من حلب والثانية من بغداد، وقد تحولتا إلى حوريتين من الحور العين، والتقى بهما علي بن منصور فبهره جمالهما.

فقالت إحداهما: "أتدري مَنْ أنا يا عليّ بن منصور؟

فيقول: أنت من حور الجنان اللواتي خلقكن الله جزاءً للمتقين ، وقال فيكن: "كأنهن الياقوت والمرجان "

فتقول: أنا كذلك بإنعام الله العظيم، على أني كنتُ في الدار العاجلة أُعرَف بـ "حمدونة " وأسكن في باب العراق بحلب، وأبي صاحب رحى، وتزوجني رجل يبيع السّقط ، فطلقني لرائحةٍ كرهها في فمي، وكنتُ من أقبح نساء حلب ، فلما عرفتُ ذلك زهدتُ في الدنيا الفرّارة وتوافرتُ على العبادة، وأكلتُ من مغزلي، فصيّرني ذلك إلى ما ترى.

وتقول الأخرى: أتدري من أنا يا علي بن منصور؟

أنا "توفيق السوداء التي كانت تخدم في دار العلم ببغداد، وكنتُ أُخرج الكتب إلى النُّساخ.

فيقولُ عليّ بن منصور: لا إله إلا الله ، لقد كنتِ سوداء فصرت أنصع من الكافور".

وتضمحل العوائق الدنيوية التي تفرضها الأجساد على الأرواح، فإذا أحبّ ابن القارح سماع غناء القيان لقصيدة في فسطاط مصر، أو في بغداد، تتحول جماعات من طيور الجنة إلى حور عيْنٍ تُلحِّن قول الشاعر المخبل السعدي:

ذَكَرَ الرَّبابَ وذِكْرُها سقمُ
وصَبا وليس لِمَنْ صَبا عزمُ
وإذا ألمَّ خيالُها طرفتْ
عيني فماءُ شُؤونِها سَجمُ

فلا يمرُّ حرفٌ ولا حركة إلا ويوقع مسرّةً، لو عُدلت بمسرات أهل العاجلة منذ خلق الله آدم إلى أن طوى ذريته من الأرض، لكانت الزائدة على ذلك، زيادة اللجِّ المتموِّج على دمعة الطفل.

ومن المعلوم أن المعري قد ساح في طلب العلم، فزار بغداد مرتين، وناظر علماءها، ودافع عن شعري المتنبي في مجلس الشريف المرتضى مما عرضه للإهانة، وعاد إلى المعرة مروراً بمنطقة العلاةَ السورية، ثم اعتزل الناس في محابسه الثلاثة، حبس النظر، وحبس النفس في الجسد، ولزومه منزله، حيث يقول:

أراني في الثلاثة من سجوني
فلا تسألْ عن الأمر النبيثِ
لفقدي ناظري ولزوم بيتي
وسُكنى النفس في الجسد الخبيثِ

*******

رسالة الطير للغزالي، ومنطق الطير لفريد الدين العطار بالفارسية

وبعد المعري جاء حجة الإسلام أبو حامد الغزالي الذي توفى سنة 505 هـ/ 1111م، فكتب رسالة الطير التي نشرها محي الدين صبري الكردي في القاهرة سنة 1343هـ/ 1924م، وتكررت طبعاتها بعد ذلك، وترجمها نبيه أمين فارس إلى اللغة الإنكليزية، ونشرت الترجمة مجلة العالم الإسلامي سنة 1944م.

وأخذ فكرة رسالة الطير ووسّعها الأديب الفارسي فريد الدين العطار، 550 – 627 هـ/ 1155 – 1230م، الذي كتب كتاب منطق الطير باللغة الفارسية، وهو مطبوع في إيران، وفي رسالة الغزالي وكتاب العطار تُصبح رحلة الطيور مثالاً يُحتذي من أجل مُفارقة الذنوب، والوصول إلى واحة الغفران، بعد رحلة شاقة مليئة بالامتحانات التي يتعرض لها الراحل على طريق الخلاص من من عالم الجسد إلى عالم الروح، واتسعت موجات الاقتباس في أدب الرحلات والسياحة والسفر.

وكان للأدباء فضل الريادة على العلماء حيث كتبوا رحلات الخيال العلمي إلى الكواكب قبل تمكن العلماء من اكتشافها وجاءت الرحلات الفضائية، ثم السياحة الفضائية لتنقل أفكار الأدباء من عالم الخيال إلى الواقع العملي، وتُسفرُ عن معلومات مدهشة، ونتائج تُغني المعرفة الإنسانية بفروع جديدة، وتساهم بتحقيق ما كان يُظنُّ أنه من الأساطير غير الممكنة التحقيق.

ومع التطور الإنساني تطورت الاحتياجات البشرية، وصارت للرحلات طقوس متنوعة، وضرورات تستوجب الإعداد للرحلات مُسبقاً كي تحقق الغايات المرجوة منها، ومن ذلك توقيت الرحلة، وتحديد خطّ السفر ذهاباً وإياباً، واختيار وسيلة المواصلات براًّ أو بحراً أو جواًّ بما يتناسب مع الأهداف، والقدرة المادية والمعنوية.

وتنوعت طرق الرحلات والسياحة، واختلفت من شخص إلى آخر، فالبعض يسافر منفرداً معتمداً على خبرته الذاتية، والبعض الآخر يسافر ضمن مجموعات تحظى برعاية شركات أو شبكات متخصصة في مجالات السياحة والفندقة، والجميع يحاولون الحصول على المعلومات التي تنير طريق السفر سواء بالاعتماد على الدليل السياحي، أو بقراءة الكتب والمجلات ومشاهدة الخرائط والصور والرسوم، أو مشاهدة الأفلام التلفزيونية والسينمائية.

******

سياحة ورحلات

تضم المكتبات العربية المخطوطة والمطبوعة مصنفات متعددة في مجالات الرحلة والسياحة بكافة أنواعها، وقد تم تدوينها في القرون الماضية، ومازالت مستمرة في الزمن الراهن، وهي تقدم لنا معلومات قيّمة في مجالات التاريخ والجغرافيا والثقافة، وعادات الشعوب وتقاليدها وفلكلورها المتنوع، وهي بذلك تساهم في صياغة وعي الإنسان بذاته وبالآخرين، وتساهم في تطور الرؤية العالمية المتعددة الأطراف، والتي تتجاوز المنظور الذاتي الضيق الذي يعيق حركة التقارب بين الشعوب.

وقد طبع عدد من الرحلات التي كتبت باللغة العربية، ومازال بعضها مخطوطاً، والبعض الآخر مجهولاً من قبل الباحثين لأن الكثير من المخطوطات العربية لم تتمّ فهرستها حتى الآن، وهذا يتطلب سياحةً من المفهرسين كي يصلوا إلى ماتحتويه مكتبات التراث، ويُعرّفوا الناس بها وبأماكن وجودها، لعل الباحثين يحققونها، وينشرون نصوصها بصورة مرضية تحقق الفوائد المرجوة، وقد تمت ترجمة بعض الرحلات من اللغات الأعجمية إلى اللغة العربية، ولا سيما رحلات المستشرقين والمبشرين الذين وفدوا إلى بلاد العرب والمسلمين، بينما لم تنشر بعض الرحلات التي كتبها العرب والمسلمون، مع العلم أن الكثير من الرحلات العربية التي نشرت قد قام بنشرها المستشرقون قبل العرب.

وبعدما حلّ ما حلّ بمكتبات تراث العراق من مصائب وسلب ونهب، أصبح من الضروري العمل الدؤوب لفتح خزائن المخطوطات للباحثين كي يتمكنوا من نشر محتوياتها قبل أن تصلها أيدي المخربين، وتحرم الإنسانية من فوائدها، ويتأسف على ضياعها المتأسفون بعد فوات الأوان.

****